الاسلام قادم
عدد المساهمات : 46 تاريخ التسجيل : 13/07/2010 العمر : 37 الموقع : ارضالله واسعة
| موضوع: تابع سلسة تحذير الداعية من القصص الواهية الخميس يوليو 22, 2010 5:41 pm | |
| قصة صنم بوانة وما حدث فيه للنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة
إعداد - علي حشيش
نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اشتهرت على ألسنة الوعاظ والخطباء والقصاص . وقبل الشروع في سرد القصة الواهية لهذا العدد ، نحب أن نشير إلى أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان محفوظًا في صغره بحفظ الله تعالى محميًا مصونًا عن القبائح وأخلاق الجاهلية ، وقد وردت الأحاديث الصحاح بذلك ، وسنوردها في نهاية المقال ففيها كفاية عما يسوقه القصاص والوعاظ من القصص الواهية ، كالقصة التي بين أيدينا وهي :
أولاً : متن القصة :
رُوي عن ابن عباس قال : حدثتني أم أيمن قالت : كان ببوانة صنم تحضره قريش تعظمه ، تنسك له النسائك ، ويحلقون رؤوسهم عنده ، ويعكفون عنده يومًا إلى الليل ، وذلك يومًا في السنة ، وكان أبو طالب يحضره مع قومه ، وكان يكلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يحضر ذلك العيد مع قومه فيأبى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذلك ، حتى رأيت أبا طالب غضب عليه ، ورأيت عماته غضبن عليه يومئذ أشد الغضب ، وجعلن يقلن : إنا لنخاف عليك فما تصنع من اجتناب آلهتنا ، وجعلن يقلن : ما تريد يا محمد أن تحضر لقومك عيدًا ولا تكثِّر لهم جمعًا ، قالت : فلم يزالوا به حتى ذهب فغاب عنهم ما شاء الله ، ثم رجع إلينا مرعوبًا فزعًا ، فقالت له عمّاته : ما دهاك ؟ قال : إني أخشى أن يكون بي لمم ، فقلن : ما كان الله ليبتليك بالشيطان وفيك من خصال الخير ما فيك ؟ فما الذي رأيت : قال : إني كلما دنوت من صنم منها تمثل لي رجل أبيض طويل يصيح بي وراءك يا محمد لا تمسه ، قالت : فما عاد لعيد لهم حتى تنبأ". اه.
ثانيًا : التخريج :
الحديث الذي جاءت به هذه القصة أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (1-75) ، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص58) من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس ، عن عكرمة عن ابن عباس به". اه.
ثالثًا : التحقيق :
القصة : موضوعة ، فهي واهية باطلة ، وإلى القارئ الكريم بيان ما بها من علل : الأولى : حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس : 1- أورده الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" (4-469-1297) ، وذكر الذين روى عنهم ومنهم : عكرمة مولى ابن عباس ، ثم ذكر الذين رووا عنه ، ومنهم : أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة . 2- أورده الإمام النسائي في "الضعفاء والمجروحين" رقم (145) وقال: "متروك الحديث". اه. وهذا المصطلح له معناه عند الإمام النسائي ، يبيّن ذلك الحافظ ابن حجر في "شرح النخبة" (ص69) حيث قال: "مذهب النسائي أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه". اه . 3- وأورده الإمام البخاري في كتابه "التاريخ الكبير" (2-388-2872) وقال: "حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس الهاشمي عن كريب وعكرمة ، قال عليّ : تركت حديثه". اه . كذلك قال في كتابه "الضعفاء الصغير" برقم (78) . 4- وأورده ابن عدي في كتابه "الكامل" (2-349) (111-480) ، وأخرج قول علي بن المديني بأنه ترك حديثه وأخرج أيضًا قول النسائي : "متروك الحديث". 5- وأورده الإمام العقيلي في "الضعفاء الكبير" (1-245-293) ، وأخرج أيضًا قول الإمام علي بن المديني شيخ البخاري ، ثم ختم الترجمة قائلاً : "وله غير حديث لا يتابع عليه من حديث ابن عباس" . اه. 6- وقال ابن حبان في "المجروحين" (1-242) : "يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل". اه . 7- ونقل الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (2-296) عن البخاري قوله : "يقال أنه كان يتهم بالزندقة" . اه . 8- وما نقله الحافظ ابن حجر نقله أيضًا الإمام الذهبي في "الميزان" (1-537-2012) .
العلة الثانية :
أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة . 1- أورده الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" (21-75-3834) قال : أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب القرشي العامري السبري المدني . قلت : لقد ذكرت الترجمة كاملة حتى أقف على حقيقة الراوي لأن الإمام أبا نعيم أورده في "الدلائل" (ص58) بالكنية والنسب فقط ، حيث قال: حدثنا عمرو بن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا إبراهيم بن علي قال : حدثنا النضر بن سلمة ، قال: حدثنا عبد الجبار بن سعيد أبو معاوية المساحقي ، عن أبي بكر العامري ، عن حسين بن عبد الله به . في الوقت الذي أورده ابن سعد في "الطبقات" (1-75) بالكنية دون النسب العامري حيث لم يصل باسم الراوي إليه حيث قال : أخبرنا محمد ابن عمر قال : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس به . قلت : ثم ذكر الذين روى عنهم ومنهم : حسين ابن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، ثم ذكر الذين رووا عنه ومنهم : محمد بن عمر الواقدي". اه . وإلى القارئ الكريم أقوال علماء الجرح والتعديل فيه بعد هذا التثبت : 2- قال الإمام ابن حبان في كتابه "المجروحين" (3-147) : "أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة السبري من أهل المدينة ، كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات لا يحل كتابة حديثه ولا الاحتجاج به بحال، كان أحمد بن حنبل يكذبه". اه . 3- قال النسائي في كتابه "الضعفاء والمتروكين" رقم (666) : "أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة : متروك الحديث". 4- أورده الإمام الذهبي في "الميزان" (4-305-10024) وقال : "روى عبد الله وصالح ابنا أحمد عن أبيهما قال : كان يضع الحديث" . ثم نقل عن ابن معين قوله : "ليس حديثه بشيء". 5- أورده الإمام الحافظ ابن عدي في كتابه "الكامل" (7-295) (12-2200) حيث أخرج بسنده عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : قال أبي : "ليس بشيء كان يضع الحديث ويكذب". وقال ابن عدي : حدثنا الجنيدي قال : حدثنا البخاري قال : أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة المدني : منكر الحديث". اه . وهذا المصطلح بالنسبة للإمام البخاري له معناه ، حيث قال الإمام السيوطي في "التدريب" (1-349) : "البخاري يطلق : فيه نظر وسكتوا عن: فيمن تركوا حديثه ، ويطلق منكر الحديث على من لا تحل الرواية عنه". اه . ثم ختم ابن عدي الترجمة قائلاً: "ولأبي بكر بن أبي سبرة غير ما ذكرت من الحديث وعامة ما يرويه غير محفوظ ، وهو في جملة من يضع الحديث". اه .
العلة الثالثة :
محمد بن عمر الواقدي : وهو الراوي لهذه القصة عن أبي بكر بن أبي سبرة عند ابن سعد كما بينا آنفًا . 1- أورده الإمام الذهبي في "الميزان" (3-662-7993) . ونقل عن الإمام أحمد بن حنبل قوله : "هو كذاب يقلب الأحاديث". ونقل عن الإمام ابن معين قوله : "ليس بشيء". ونقل عن الإمام ابن راهويه قوله : "هو عندي ممن يضع الحديث". ثم ختم ترجمته بقوله : "واستقر الإجماع على وهن الواقدي". اه . 2- وقال الإمام البخاري في "الضعفاء الصغير" رقم (334) : "متروك الحديث". 3- وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8-20) : "سألت أبي عن محمد بن عمر الواقدي فقال : متروك الحديث". اه .
العلة الرابعة :
عبد الجبار بن سعيد أبو معاوية المساحقي: وهو الراوي لهذه القصة عن أبي بكر بن سبرة عند أبي نعيم كما بينا آنفًا . أورده الإمام العقيلي في الضعفاء الكبير (3-86-1056) وقال : "عبد الجبار بن سعيد المساحقي مديني في حديثه مناكير وما لا يتابع عليه" . وأقره على ذلك الإمام الذهبي في "الميزان" (2-533-4740) ، والحافظ ابن حجر في "اللسان" (3-474) (555-4906) . قلت : يتبين من هذا التحقيق ما في سند القصة من الوضاعين والكذابين والمتروكين والذي به تصبح هذه القصة واهية موضوعة.
البدائل الصحيحة
ومن البدائل الصحيحة التي تدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان مصونا عما يستقبح قبل البعثة وبعدها بما فيه غنى عن مثل هذه القصص الواهية. ما أخرجه البخاري في صحيحه ح(364)، (1582)، ح(3829) ومسلم في صحيحه ح(340)، وأحمد في مسنده (3-380)، ح(15110) والبيهقي في السنن (2-227) من حديث جابر بن عبد الله قال: لما بُنيتْ الكعبة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وعباس ينقلان حجارة فقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم : اجعل إزارك على عاتقك من الحجارة، ففعل فخرَّ إلى الأرض، وطمحت عيناه إلى السماء ثم قام فقال: إزاري إزاري فشد عليه إزاره". وهذا اللفظ متفق عليه عند مسلم والبخاري ح(1582) وزاد البخاري في ح(364)، فما رأي بعد ذلك عريانا صلى الله عليه وسلم قال النووي في شرح مسلم: "وفي هذا الحديث بيان بعض ما أكرم الله سبحانه وتعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم وأنه كان مصونا محميًا في صغره عن القبائح وأخلاق الجاهلية. والله من وراء القصد | |
|